اللواء محمد نجيب
أول رئيس لجمهورية مصر العربية

أصبح محمد نجيب موضع إعجاب واحترام الضباط الشباب بما فيهم الضباط الأحرار، وكان تنظيم الضباط الأحرار سرياً، وكانت الحركة في حاجة إلى أن يرأسها أحد الضباط الكبار، حيث أنهم من أصحاب الرتب الصغيرة، فأستغل التنظيم شعبية اللواء نجيب بين صفوف الجيش، وتاريخه الطويل والمشرف فى تحدى الملك والسراى وبطولاته فى حرب فلسطين ١٩٤٨، ليكون أول اختبار لقوتهم داخل الجيش.

وبدأت المواجهة الفعلية أثناء انتخابات نادي الضباط حيث استقر رأي الضباط الأحرار علي ترشيح محمد نجيب رئيسا لمجلس إدارة النادي ضد مرشح "الملك" حسين سري عامر باشا مدير سلاح الحدود، وأصر الملك علي ترشيح اللواء عامر رئيسا للنادي، فاجتمعت الجمعية العمومية للضباط، وقررت التمسك بترشيح اللواء محمد نجيب، وفاز بالتزكية وعندما أصر الملك علي دخول عامر لمجلس إدارة النادي في حين رفض ذلك الضباط الأحرار، أصدر الملك قراراه بحل مجلس إدارة النادي، وتعيين مجلس إدارة مؤقت وسحب الاعتمادات المخصصة لبناء النادي الجديد، ومن هنا جاء التعجيل بقرار الثورة .

ويمكن القول، إن معركة انتخابات نادى الضباط بالزمالك، هى التى أخرجت اللواء محمد نجيب من إطار شعبيته داخل الجيش، إلى شعبيته بين الجماهير التى عرفت اسمه للمرة الأولى، على صفحات الجرائد فى تلك الفترة .

تسرب أمر التنظيم إلى الملك، فأرسل إلى حسين سرى رئيس الوزراء في ٢ يوليه ١٩٥٢، رسالة طالب فيها من محمد حيدر القائد العام للقوات المسلحة " نقل (١٢) ضابطاً يتآمرون عليه في ظرف خمسة أيام وإلا يطرد ". وتأكد نجيب بأن السلطات ستقوم بالقبض عليه بتهمة تزعم تنظيم سرى داخل الجيش، وتأكد ذلك عندما استدعاه محمد حيدر ، واتهمه بتحريض الضباط على الثورة .

وفى ١٨ يوليه ١٩٥٢ قابل محمد نجيب د. محمد هاشم وزير الداخلية - زوج ابنة رئيس الحكومة - بناء على طلب الأخير الذي سأله عن أسباب تذمر الضباط، وعرض عليه منصب وزير الحربية، رغم رفض الملك تعيينه،حتى لا يظهر أحمد عرابى أخر-على حد قوله- يقود الجماهير نحو عصيان الإرادة الملكية، ولكن محمد نجيب فضل البقاء بالجيش، وأخطره د. محمد هاشم أن هناك لجنة من (١٢) شخص عرفت السلطات الحكومية ثمانية منهم .

إزاء هذا الموقف والمصير الذي ينتظر الضباط الأحرار طلب محمد نجيب من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر ضرورة التحرك، واتفق معهما على أن تكون ساعة الصفر (٢١-٢٢ يوليه ١٩٥٢).

في هذا الوقت اتصل اللواء على نجيب - شقيق محمد نجيب - وقائد حامية القاهرة به وأخطره بوجود مؤتمر لرئيس الأركان حسين فريد في الساعة العاشرة مساءاً (٢٢ يوليه) في مقر القيادة في كوبري القبة، فأبلغ ذلك لجمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، واقترح عليهما محاصرة مقر القيادة، وسيكون أول الحاضرين هناك، فطلب منه جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر البقاء في المنزل بجوار التليفون حتى يتم الاستيلاء عليها.

تؤكد الوثائق أن البكباشي (المقدم)، يوسف صديق قد قام بالتبكير بالهجوم على مبنى القيادة قبل الميعاد المحدد بساعة، بناء على تعليمات من اللواء محمد نجيب، و بعد نجاح خطة الثورة اتصل جمال حماد باللواء محمد نجيب ليخبره بنجاح العملية، حيث تم الاستيلاء على القيادة العامة، ومركز الاتصالات، وتحركت المدرعات ودخلت القاهرة، وانتقل اللواء محمد نجيب لمبنى القيادة العامة.

في ٢٣ يوليه عام ١٩٥٢، أذاع البكباشي محمد أنور السادات أول بيان للثورة بلسان القائد العام للقوات المسلحة اللواء محمد نجيب، وفي ٢٦ يوليو ١٩٥٢ أجبر الثوار الملك- فاروق- علي التخلي عن العرش، وفي ٢٧ يوليو تم تعيين حكومة جديدة برئاسة سياسي مستقل مخضرم – علي ماهر – يتمتع بسمعة حسنة.