اللواء محمد نجيب
أول رئيس لجمهورية مصر العربية

محمد نجيب يوسف، قائد ثورة ٢٣ يوليو١٩٥٢ وأول رئيس للجمهورية مصر العربية من سليل أسرة عسكرية اشتهرت بالشجاعة والإقدام، فوالد محمد نجيب "يوسف نجيب" كان ضابطا بالجيش المصرى بالسودان واشترك فى حملة دنقلة الكبرى لاسترجاع السودان من أيدى الثورة المهدية وشارك فى أغلب معاركها ، ولا احد يعرف تحديدا تاريخ ميلاد محمد نجيب، بل إنه ذكر فى مذكراته ، أنه حائر بين ثلاثة تواريخ لميلادهن وهى إما ٢٨ يونيو ١٨٩٩، أو ١٩ فبراير ١٩٠١، والثالث هو ٧ يوليو ١٩٠٢. والتاريخ الموجود فى ملف خدمته بالجيش هو ١٩ فبراير ١٩٠١ حيث ولد بساقية معلا بالخرطوم - طبقاً لملف خدمته - حيث نشأ وترعرع فيها. عاش في السودان مع والده البكباشي يوسف نجيب بالجيش المصري إلي أن أتم دراسته الثانوية ثم عاد إلي مصر ودخل المدرسة الحربية ١٩١٧.

ويقول اللواء محمد نجيب " فى السودان، حيث عاش والدى، من يوم وصلها حتى مات، ولدت..وتفحت عيناى..وعشت سنوات طفولتى وصباى..كان بيتنا بالقرب من الجامع العتيق فى الخرطوم ..كان منزلا متواضعا .. مكونا من أربع حجرات ، وأصبح فيما بعد ناديا للموظفين المصريين".

وقد ارتبط محمد نجيب بالسودان ارتباطا عميقا، فهناك بدأ حياته العملية كضابط بالجيش المصرى عقب تخرجه من الكلية الحربية، وقد أطلق السودانيون اسم اللواء محمد نجيب على أكبر شوارع العاصمة "الخرطوم" ولا يزال اسم محمد نجيب محفورا فى الذاكرة الجمعية والتراث السودانى باعتباره رمزا لوحدة وادى النيل.

عمل محمد نجيب بالسودان حتى مقتل السردار الانجليزي ١٩٢٤ ثم عاد إلي مصر، ورغم مسئوليات نجيب العسكرية، فقد كان شغوفاً بالعلم فحصل على إجازة الحقوق في مايو ١٩٢٧ ثم دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد السياسي عام ١٩٢٩ ثم علي دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ونال بعدها شهادة أركان حرب ١٩٣٩ وبدأ فى إعداد رسالة الدكتوراه، ولكن طبيعة عمله العسكري، وكثرة تنقلاته حال دون إتمامها.

تشبع محمد نجيب بروح التمرد والثورة على الأوضاع القائمة منذ ان كان ضابطا صغيرا برتبة ملازم ثان بالكتيبة ١٦ مشاه بالجيش المصرى بالسودان، فعندما اندلعت ثورة ١٩١٩ فى القاهرة، أصر محمد نجيب على تحدى الإنجليز "رؤساؤه فى ذلك الوقت" وسافر إلى مصر سرا، وعندما وصل إلى محطة مصر، مر أمامه أميرالاى"عميد" إنجليزى، فرفض نجيب أن يؤدى له التحية العسكرية، غير مكترث بما قد يسبب له ذلك من متاعب بعد ذلك وقد كان !

كانت الروح الوطنية عند محمد نجيب مقدمة على القواعد العسكرية، ولذلك لم يخف إعلان تأييده لسعد زغلول باشا ، عندما ذهب مع مجموعة من الضباط الصغار وهم يرتدون ملابسهم العسكرية إلى بيت الأمة، ليعبروا عن احتجاجهم ورفضهم لنفى سعد زغلول إلى جزيرة سيشل .

وعقب حادث ٤ فبراير ١٩٤٢، وهو الحادث الذي حاصرت فيه الدبابات البريطانية قصر الملك، لإجبارة على إعادة مصطفى النحاس باشا إلى رئاسة الوزراء أو يتنازل عن العرش، قدم استقالته من الجيش، نظراً للتدخل الإنجليزي السافر في شئون مصر الداخلية، ولكن الملك أعاد له الاستقالة، فاضطر للعودة للجيش.

واشترك في حرب فلسطين وجرح ثلاث مرات كان أخرها في معركة التبة في دير البلح في ٢٣ ديسمبر ١٩٤٨، وهي أهم المعارك التي خاضها في فلسطين وعددها ٢١ معركة .

كانت بداية صلته بالضباط الأحرار من خلال لقائه مع الصاغ عبد الحكيم عامر عندما عين أركان حرب في اللواء الذي يرأسه نجيب أثناء حرب فلسطين، ثم عرفه بجمال عبد الناصر، ثم التقي بباقي مجموعة الضباط الأحرار، وكان عبد الناصر هو مؤسس التنظيم ورئيسه،لم يكن تفكيرهم يخرج عن إطار ضرورة تغيير الأوضاع في مصر، ولكن حين وقع حريق القاهرة في يناير ١٩٥٢، وحدث الصدام بين نجيب والملك فاروق الذي قام بترقية حسين سري مديرا لسلاح الحدود بدلا منه، بدأ التشاور جديا لتغيير الأوضاع جذريا.