اللواء محمد نجيب
أول رئيس لجمهورية مصر العربية

وفي ٢٥ مارس ١٩٥٤ قرر مجلس قيادة الثورة السماح بقيام الأحزاب، وحل مجلس قيادة الثورة في ٢٤ يوليه، أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية ، إلا أنه في ٢٩ مارس تم العدول عن قرارات ٥ و٢٥ مارس ١٩٥٤وانتهت الأزمة، وقرر مجلس الثورة في ١٧ أبريل عام ١٩٥٤، أن يكتفي اللواء محمد نجيب رئيسا للجمهورية فقط، وأن يتولي عبد الناصر منصب رئيس الوزراء، وخلال فترة عودته البسيطة للسلطة حاول محمد نجيب إدخال بعض الحريات السياسية غير أنه تم إعاقتها تدريجيا، واستغل عبد الناصر جيدا أنصاره من أعضاء هيئة التحرير والنقابات العمالية لتنظيم مظاهرات شعبية لتأييده .

كانت هذه هى سطور النهاية فى " أزمة مارس" تلك الأزمة التى بدأت بانتصار اللواء محمد نجيب على معارضية فى مجلس قيادة الثورة وفى داخل صفوف الجيش، وانتهت بإنتصار البكباشى جمال عبد الناصر ورفاقه فى مجلس قيادة الثورة .


إعفاء اللواء نجيب من مناصبه وتحديد إقامته

أدت محاولة جماعه الأخوان المسلمين لاغتيال جمال عبد الناصر بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤ إلي انتهاز الأخير الفرصة لقمع الإخوان والإطاحة بالرئيس نجيب متهما إياه بمساندته الإخوان، وفي١٤نوفمبر ١٩٥٤ جاء قرار مجلس قيادة الثورة بإعفاء الرئيس محمد نجيب من رئاسة الجمهورية، ومن رئاسة الوزراء، ومن جميع المناصب التي يشغلها، مع استمرار مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر في تولي سلطاته الحالية وتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء إلي أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن، كما قرر أن يبقي منصب رئاسة الجمهورية شاغرا وأن يستمر مجلس قيادة الثورة أن يبقي منصب رئاسة الجمهورية شاغرا وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولي كافة سلطاته بقيادة الرئيس عبد الناصر، وإذا كانت هذه هى النهاية الرسمية لمحمد نجيب كرئيس للجمهورية ، إلا أننا نستطيع القول بأن رئاسته قد انتهت بالفعل مع نهاية أزمة مارس، ذلك بأنه قد ظل طوال تلك الفترة – من ٢٩ مارس ١٩٥٤ وحتى منتصف نوفمبر من نفس العام رئيسا فخريا ورمزيا محروما من السلطة الفعلية وليس أدل على ذلك من أن اللواء نجيب كان رئيسا للجمهورية وقت توقيع معاهدة الجلاء المصرية البريطانية في ٢٧ يوليو ١٩٥٤، ولكنه لم يشترك في التوقيع عليها .


حياة محمد نجيب خلال فترة إعتقاله ( ١٩٥٤ – ١٩٧١ )

فى أعقاب حادث المنشية وصدور قرار ١٥ نوفمبر ١٩٥٤ باعفاء اللواء نجيب من جميع مناصبه، تم تحديد إقامت اللواء نجيب مع عائلته فى قصر المرج (وهو قصر كانت السيدة زينب الوكيل حرم الزعيم مصطفى النحاس قد أعدته لنفسها ثم صادرته محكمة الثورة ) كانت الحراسة مشددة علي المكان ، وكانت الزيارة ممنوعة حتى علي إخوته، ومنذ ذلك اليوم الذى حددت إقامته فيه ظل بهذا المنزل حتى أفرج عنه الرئيس السادات عام ١٩٧١.

ويذكر اللواء نجيب فى مذكراته تحديدا يوم ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ .. فى صباح ذلك اليوم، عندما جاء كلا من اللواء عبد الحكيم وقائد أسراب حسن إبراهيم لينقلا إلية قرار مجلس قيادة الثورة بإعفائه من رئاسة الجمهورية

ويقول محمد نجيب : فى ذلك اليوم قال لى عبد الحكيم عامر، إن إقامتك فى فيلا زينب الوكيل، لن تزيد عن بضعة أيام، تعود بعدها إلى بيتك . ولكن من يوم دخلت هذه الفيلا، وحتى أكتوبر ١٩٨٣، لم أتركها، حوالى ٢٩ سنة، إنه الزمن يجبر الإنسان على الألفة والتعايش مع ما يحب وما يكره، ومع ما يريده.. حتى مع السجن والمعتقل..وقد كان بيننا، أنا وتلك الفيلا المهجورة البعيدة عن قلب القاهرة بأكثر من ٢٠ كيلو مترا، ألفه وعشرة وارتباط.. وكان بيننا أيضا إحساس مشترك بفقدان الحرية..وهذا طبيعى.. فأوجاع السجان النفسية لا تقل عن أوجاع السجين النفسية.. والسجن نفسه يحزن على قدره الذى جعله يلعب دورا لا يرضاه..ولو أن فيلا المرج أحست بهذه الأحاسيس، فقد قدر لها أن تتحول من استراحة إلى معتقل وتتحول من تحفة إلى خرابة .